على إثر ما تم تداوله إعلاميا من تصريحات نُسبت إلى السيد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، تحدث فيها عن ‘’ إصلاح إداري عميق’’ في عملية تدبير المنحة لفائدة المتدربين بعد "انتزاعها” من مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل بدعوى “التأخر في معالجة اللوائح”، فإن المكتب يُسجّل استغرابه الشديد لهذه التصريحات التي تتناقض مع المعطيات الواقعية والموثقة، ويُقدم للرأي العام التوضيحات التالية:
معطيات دقيقة حول تدبير المنح
منذ سنة 2017، تولّى مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل تدبير المنح لفائدة المتدربين في إطار اتفاق واضح ومشترك مع الوزارة الوصية وذلك بشكل طوعي وإرادي وعيا منه بدوره في خدمة الشباب المستفيدين مما مكن مجموع المتدربين من الاستفادة الفعلية من منحهم المستحقة. هذه الوضعية التي استمرت إلى حدود سنة 2025.
وقد التزم المكتب، طيلة هذه المدة، بتنفيذ مهامه في إطار محدد ومضبوط، يتضمن خمس مراحل رئيسية:
1. إرسال لوائح المتدربين الجدد والمعاد تسجيلهم (السنة الأولى والثانية) المستوفون لشروط الاستفادة من المنحة وفق النماذج المعتمدة من طرف الوزارة.
2. التوصل باللوائح المنقحة للمستفيدين والمصادق عليها من طرف الوزارة والتي تضم جميع قطاعات التكوين المهني بالإضافة إلى المكتب، باعتبار الوزارة المسؤول المباشر عنها.
3. صرف الشطر الأول من المنحة فور التوصل بالغلاف المالي المخصص من طرف الوزارة والتي تتحمل مسؤولية تمويلها، وذلك بواسطة مؤسسة بنكية شريكة.
4. التواصل مع العموم بهدف توضيح سير عملية تدبير المنح وتقريبهم من هذه العملية، لكون المكتب يمثل الواجهة الرئيسية للمتدربين المستفيدين.
5. استقبال الشكايات بخصوص أي خلل شاب اللوائح التي تخص الشطر الأول من المنحة ومعالجتها بتنسيق مع الوزارة مما يستلزم إعادة جميع مراحل المعالجة والتنقيح.
تأخر الوزارة هو أصل الإشكال
رغم التزام المكتب بمهامه، فقد واجه تأخرا متكررا وكبيرا في تحويل الاعتمادات المالية من طرف الوزارة، إضافة إلى إشكالية ضبط لوائح المستفيدين، والتي لا يتدخل المكتب في المصادقة عليها.
إذ عرف التمويل الوزاري فجوة كبيرة بين 2018 و2022 حيث لم تُسجَّل أي تحويلات مالية طيلة أربع سنوات مما خلق ضغطًا ماليًا على المكتب، واضطرّه إلى استعمال موارده الذاتية لتأمين استمرار صرف المنح للمتدربين. وبلغ إجمالي المنح المؤداة خلال الفترة 2017-2025 ما قدره 968 مليون درهم، تم تمويل 296 مليون درهم منها من خزينة مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل أي تغطية حوالي 30٪، وذلك حرصًا على مصلحة المتدربين واستمرارية صرف منحهم في الآجال المحددة. ورغم المراسلات الرسمية المتكررة، لم يسترجع المكتب إلى اليوم المبالغ التي تكفل بها ذاتيا.
كما سجّل المكتب خلال سنوات تدبيره للمنح تأخيرا متتاليا في عملية استقبال لوائح المستفيدين من طرف الوزارة الوصية رغم مراسلاته المتكررة لطلب تسريع هذا الإجراء. ويجدر الذكر أن المكتب لايزال يتوصل إلى حد الساعة بشكايات المتدربين ومعالجتها لعدم توصلهم بالمنحة رغم أهليتهم، موضوع مراسلات المكتب مع القطاع. حيت يعتبر المكتب الوجهة الأولى للمتدربين من أجل إيصال شكاياتهم في حين أن معظم الشكايات تخص الوزارة المعنية. وبالتالي، فإن الإشارة إلى المكتب باعتباره سبب “الاختلال” تجاهل للحقائق الموضوعية والموثقة.
إن مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل مؤسسة وطنية رائدة، تُمارس مهامها في وضوح تام وباحترام صارم للمساطر المالية والإدارية، ولن يقبل بأن يسجل إسمه في سجالات سياسية أو تبريرات غير دقيقة.
ويرفض المكتب استخدام مصطلح "انتزاع" إذ لا يعكس موقفه، حيث أن المكتب طلب تفويض عملية تدبير المنح لجهة أخرى منذ أن شاب تدبيرها العراقيل السابقة الذكر والتي تؤثر على صورة المؤسسة لكونها في الواجهة، رافضا الإعلان عن حدود المسؤوليات اعتبارا منه أن المكتب والوزارة يد واحدة في تدبير هذا الواجب اتجاه الشباب.
ويعبر المكتب عن استغرابه الشديد من التصريحات المتداولة والتي تتناقض مع المعطيات الواقعية والموثقة، خاصة أنّ الوزارة لم يسبق لها أن أشارت إلى المكتب كمصدر للإشكاليات المرتبطة بتأخر صرف المنح. ويتوفر المكتب على جميع الوثائق والمراسلات بين الطرفين ومحاضر اجتماعات مجلس الإدارة التي يمكن الإفصاح عنها إذا ما دعت الضرورة لذلك.
بعد الإفراج عن منح المتدربين، ماذا عن منحة مكتب التكوين المهني (ميزانياته السنوية)!
يشير المكتب أن تأخر انعقاد اجتماعات مجلس الإدارة والمصادقة على الميزانية السنوية يعرقل تنفيذ المشاريع الاستراتيجية الكبرى، وفي مقدمتها تلك المرتبطة بخارطة الطريق لتطوير التكوين المهني.
كما أن التأخر في تفعيل الميزانية بعد المصادقة عليها ينعكس سلبا على دينامية المؤسسة. فعلى سبيل المثال، وبالنسبة لسنة 2025، وإلى حدود 7 نوفمبر، لم يتوصل المكتب بأي دفعة من الغلاف المالي المستحق لتنزيل برنامجه السنوي، الذي صادق عليه مجلس الإدارة خلال شهر أبريل، أي بتأخير دام أربع أشهر منذ بداية السنة المالية، والذي يُقدّر بمليار و500 مليون درهم لتنفيذ البرنامج السنوي من جهة وبرنامج مدن المهن والكفاءات. هذا البرنامج الذي عانى من توقف دام 14 شهرًا لعدم انعقاد لجنة القيادة وذلك رغم تدخّل وزارة المالية في مناسبتين على الأقل لتسريع عقدها، ولولا ترخيص مالي استثنائي من السيد رئيس الحكومة مشكورًا لاستكمال البرنامج، لما أمكن التقدّم في تنفيذ هذا البرنامج الملكي بافتتاح مدينة المهن والكفاءات بجهة الداخلة–وادي الذهب وبرمجة مدن المهن والكفاءات بكل من جهتي مراكش-آسفي وكلميم-واد نون برسم الموسم التكويني الحالي ليبلغ بذلك عدد مدن المهن والكفاءات 10 مدن على ال 12 مدينة المرتقب إطلاقها في هذا البرنامج.
التزام مستمر رغم الإكراهات
رغم هذه الصعوبات، واصل المكتب أداء مهامه، اعتبارا للمسؤولية المؤسساتية أولا لكون الوزارة والمكتب يشكلان منظومة واحدة هدفها خدمة مصلحة المتدربين. كما أنه طيلة السنوات التي تولى فيها المكتب تدبير المنح بتشارك مع الوزارة، لم تتدخل هاته الأخيرة لتصحيح الوضع.
يؤكد مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل استمراره في الانخراط الكامل والمسؤول في تطوير منظومة التكوين المهني، من خلال تنفيذ برامجه ومشاريعه الاستراتيجية، ودعم الشباب وتأهيلهم لسوق الشغل. كما يجدد التزامه بالعمل جنبًا إلى جنب مع الوزارة وكل الشركاء المعنيين، لضمان فعالية الاجراءات المتخذة وتحقيق الأهداف الوطنية المنوطة به.










